***
ونأتي الآن إلى ظروف زواجه صلى الله عليه وسلم بثانية زوجاته السيدة سودة بنت زمعة – رضي الله عنها – فقد كانت متزوجة في الجاهلية بالسكران بن عمرو بن عبد شمس ، وهو ابن عمها ، وأسلما بمكة وخرجا مهاجرين إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية .. ثم قدما من الحبشة ، ومات السكران بمكة ، وترملت زوجته السيدة سودة ، فلما انقضت عدتها أرسل لها النبي صلى الله عليه وسلم فخطبها وتزوجها بمكة ، وهاجرت معه إلى المدينة .
وكانت – رضي الله عنها – قد كبرت سنها ، وبعد فترة من زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بها تنازلت عن ليلتها للسيدة عائشة ، وقالت كما جاء في إحدى الروايات : يا رسول الله ، والله ما بي حب الرجال – تقصد أنها مسنة وليست بها حاجة إلى الرجال – ولكني أرجو أن أبعث في أزواجك يوم القيامة . وقبل منها النبي صلى الله عليه وسلم تنازلها للسيدة عائشة ، وأبقى عليها زوجة في عصمته حتى موته صلى الله عليه وسلم (5) ..
فهل يكون اقترانه – عليه الصلاة والسلام – بعجوز أخرى دليلا على ما يذهب إليه أعداء الله ورسوله من أن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم كان للشهوة أو حب النساء ؟!! أو أنها مواساة منه – عليه السلام – لأرملة مسلمة لم يعد لها عائل بعد موت رجلها ، وليس لها مال أو شباب أو جمال يدفع غيره صلى الله عليه وسلم للزواج منها ؟!!
والله .. إن مثل هذه الزيجة التي لا يطمع فيها أحد لهي بعض أعبائه عليه السلام ، وواجب ثقيل ألزم به نفسه الشريفة النبيلة صلى الله عليه وسلم .
ومن سواه يواسى الأرملة المحزونة ؟ من سواه يجبر المكسور ، ويفك الأسير ، ويعين على شدائد الدهر ، وهو الذي أرسله ربه رحمة للعالمين ؟!!